هل تفيد الاستدامة عند حدوث الأزمات؟

ع ع ع

يمكن تعريف مفهوم الأزمة المالية بأنه الحالة التي يحدث فيها انقطاع في النظام المالي العام، والذي يمكنه أن يزيد من حدة المخاطر في السوق الماليّة، وفي ظلّ هذه الحالة، لا تستطيع الأسواق الماليّة تداول الأموال بطريقة فعّالة، كما أنّها تُؤدّي إلى  تقلّص الأنشطة الاقتصاديّة المختلفة وتضرُّ بعمل الأسواق المالية. 


ويتمُّ تحديد أشكال مُختلفة في مجموعات الأدبيّات القائمة لمعالجة الأزمات المالية، بيد أنّ هناك ثلاثة أنواع رئيسية من الأزمات الهامّة جدًّا للمناقشة هنا، ويمكن تصنيف هذه الأنواع من أبعاد مختلفة ولكن هذه الأبعاد يمكن أن تتداخل في هذه الأنواع:


1- الأزمة النقدية:

يُعرف هذا النوع من الأزمات عادةً باسم أزمة مستوى العملة ويحدث في الوقت الذي يحدث فيه هجوم المضاربة على عملة ما ويؤدي إلى هبوط فوري في قيمة تلك العملة، وبسبب هذه الأزمة يجب على البنوك المركزية أن تُواجه الكثير لأنها يجب أن تزيد مستوى الاحتياطيات الأجنبية مع وجود هامش فائدة كبير لحماية العملة المحلية.


2- الأزمة المصرفية:

وتُعرف الأزمة المصرفية للأزمة المالية أيضاً بالهلع المالي الذي يشير إلى ذلك الوضع الذي يفقد فيه السوق الثقة من المستثمرين مثل البنوك ويبدأ العديد من الوكلاء بسحب ايداعهم، حيثُ يكون دافعهم الأساسيّ لتأمين إيداعهم ووضعه في مكان آمن أو مؤسسة أخرى، وتعود هذه الأزمات إلى تدنّي نوعيّة القروض التي تصبح عديمة القيمة وقت حدوث أزمة في السوق. 


3- أزمة الديون:

يحدث جزء من أزمة الديون عندما يتوقف المقترضون في السوق عن سداد التزامات الدين إما في شكل أصول أو فائدة، وترتبط هذه الأنواع من القروض بالقطاع الخاص أو القطاع العام أو كليهما، اللذان ينطويان على مخاطر كبيرة.


4- أزمة الأسواق المالية:

يُعرف هذا النوع من الأزمات أيضاً بأنه انفجار ماليّ، ويحدُثُ نتيجة عمليات المضاربة القوية التي لها بعض النتائج النهائية في شكل انخفاض تقييم الأصول وفقدان الثقة من مختلف موظفي الإقراض، وتُؤدّي مثل هذه الأزمة إلى تباطؤ عمل القطاع الاقتصاديّ الحقيقي، كما أنّ الأزمة المالية العالمية تعني ببساطة وضع القيمة الاقتصادية في العالم، نتيجة للائتمان الذي قدمته سوق الرهن العقاري في الولايات المتحدة أثناء الفترة 2007-2008


بمعنى آخر، الأزمة المالية العالمية هي بيئة عمل صعبة النجاح لأن المستهلكين المحتملين يميلون إلى الحد من مشترياتهم من السلع والخدمات إلى أن يتحسن الوضع الاقتصاديّ.



وتعود هذه الأزمات المالية المعلنة إلى ظروف وأسباب مختلفة، وترتبط بعض هذه العوامل التي تتسبب في حدوث أزمة بالاقتصاد الجزئيّ وبعضها ذو طابع كلي. 


وتتسبّب السياسات المالية والنقدية المختلفة، في إعادة تنشيط القروض والمبالغ الكبيرة من الديون، الأمر الذي يزيد من مستوى الاستثمار في القطاع غير الإنتاجي، ومن الممكن أن يؤدي هذا الاستثمار إلى زيادة أسعار الأصول، ويتعيّن على السياسات النقدية أن تلعب دورها في تصحيح الأسعار، وهذه العوامل تؤدي في النهاية إلى إبطاء النشاط الاقتصادي وانخفاض القيمة الحقيقية للضمانات الإضافية وزيادة مستوى نسب المستحقات. 


وعلاوةً على ذلك، فمن الاضطرابات التي يمر بها القطاع المالي نتيجة لتوسع الائتمان، قد يتسبب نفوذ رأس المال من الخارج مع انهيار السوق المالية في إحداث أزمة مالية.، وتنعكس هشاشة القطاع المالي من خلال السياسات الائتمانية المتساهلة وعدم المساواة في الميزانية العمومية للبنوك.


وتُعرّف الاستدامة المالية بأنها اتساق المُؤسّسات في توليد النتائج الإيجابية التي لا تُغطّي التّكلفة فحسب بل وتُعجّل أيضًا بالنُمو، وقد أُزيح اللّثام ما بعد أزمة الرهن العقاري عن حقيقة مفادها أنّ المُؤسّسات التي تتمتع بالاستدامة الماليّة كانت الأقلّ تأثُّراً بالأزمة المالية، ويُنظر إلى الاستقرار المالي لأي منظمة على أنه نسبة الدخل إلى النفقات، الأمر الذي يساعد في تحديد مستوى النقد الموجود تحت تصرفها، حيثُ أنّ الاستقرار الماليّ الذي يعتمد على نظام ماليّ سليم يُساعد في تطبيع أيّ حالة أزمة.


ويكمن السبب وراء أهمية الاستدامة المالية في تأثيرها على النظام المالي العامّ، حيثُ لوحظ أعقاب الأزمة الماليّة العالميّة أنّ الاستدامة المالية هي مفتاح لتجنب وإدارة مثل هذه الأزمات، كما أنّها تُوفّرُ فهماً أخلاقياً لأَبعاد للاستدامة وتشجع المُؤسّسة على العمل من أجل تحقيق التوازن بين القطاعات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.  وأصبحت بعد قمّة ريو Rio Summit مخططًا لنهج جديد يدمج القضايا البيئية والاجتماعية في عمليات المنظمة ويعمل نحو النتيجة النهائية الثلاثية.


ويحظى نهج الاستدامة الجديد باهتمام معظم البلدان ويساعد على تحويل القواعد والأنظمة المقترحة إلى إجراءات، وتضع هذه القواعد والأنظمة مؤشرات لتحديد مفهوم الاستدامة لتيسير تطبيقه في المُنظّمات على مُستوى عالميّ. وقد اعتمدت البلدان بصورة متزايدة التنمية المستدامة بوصفها الاستراتيجية الانمائية الرئيسية لتعزيز الأداء البيئيّ والاجتماعيّ على السواء من أجل زيادة النمو الاقتصادي. 


يساهم قطاع التنمية المستدامة في تعزيز قُدرة المديرين على تحديد القضايا الرئيسية التي ينبغي أن يركزوا عليها، وتفنيد الأداء البيئيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ، ويُوفر الأهداف الاجتماعيّة العامة لكل من المُؤسسات والحكومات للعمل من أجل تحقيق أداء الاستدامة.


ويجُرُّنا ذلك إلى تعريف الأداء الماليّ، الذي هو عبارة عن مصطلحات تتكرّر غالباً في مجال الأعمال التجارية، بصرف النظر عن ماهية الصناعة، وحين نسترجع الماضي الآن فسوف يتبين لنا أن إنجاز أي شركة أو مُنظّمة كان يتمُّ تقييمه استناداً إلى أدائها المالي، بصرف النظر عن العوامل الأخرى التي ربما قد سعيت إلى فرض هيمنة السوق. 


وحدّدت بعض التّعريفات الأداء بأنه قدرة المُؤسّسة على تحقيق أهدافها باستخدام الموارد بشكل فعال،  كما تضمنت مخرجات الاستراتيجية التشغيلية للإدارة وتنفيذ تلك الاستراتيجية في خطة الشركة المؤدية إلى قياس الأداء، وتمشياً مع بعض التّعريفات الأُخرى، يُفَسّرُ أداء المُؤسّسة باعتباره مقياساً لتغيير الحالة المالية لأي منظمة، أو النتائج الماليّة لها.


المصدر:


  • هل كانت هذه المقالة مفيدة؟
  •    

اشترك في نشرتنا البريديّة

scroll to top